“القصة مستوحاة من أحداث حقيقية”
المشهد كالتالي، لو بنبص من بعيد، في بقعة في الدور الأرضي في عمارة رقم 11 لونها إسود، مختلفة عن باقي الدور، لو ركزنا هنلاقي دخان رمادي غامق محاوطها، لو قربنا الصورة هنلاقي عدد من الرجالة بلبس موحد، بيزعقوا وبيجروا جوه الشقة وبراها، معاهم طفايات طالع منها مواد شبه البودرة، الدنيا عتمة جوه، سواد في سواد، رجالة المطافي بيطلعوا بعد وقت، الشقة بتفضل مفتوحة، بعد شوية بيدخل عدد من رجالة المطافي تاني، بيدوروا، مفيش حد في البيت، مفيش حد؟
هناك، تحت دولاب الأجهزة المقلوب، في حاجة، جسم، جسم واحدة ست، صاحبة الشقة..
أنا إيه علاقتي بالموضوع؟
مليش علاقة وفي نفس الوقت ليا…
هو إيه الموضوع أساسًا؟ الممددة على الأرض دي والدولاب مغطيها إسمها “مايان” ودي شقة “مايان” ودي حري.قة شعللت في شقة “مايان”، الن.ار مسكت في حاجة والحاجة سلمت شعلتها لحاجة، والشقة اتح.رقت في وقت قليل أوي، في دقايق الشقة بقت عبارة عن شعلة نار كبيرة جعانة، عندها شهية تتغذى أكتر وتكبر أكتر وأكتر…
لو ركزنا أكتر، هنلاقي الج.ثة مش متفحمة، عليها هباب إسود بس مش مح.روقة زي باقي الشقة، إيدين صاحبة الشقة مش باينين وده عشان مضمومين ورا ضهرها، ورجليها كمان..
ومين أول واحدة جريت على “مايان”؟
أول واحدة وصلت مكان الحادثة كانت “يارا”، وده لإن البواب اتصل بيها، أصلها أقرب واحدة ل”مايان” لدرجة إن البواب بتاع العمارة معاه نمرتها، أي ظرف “مايان” بتغيب فيه، زيارة لأهلها في البلد، سفرية، مصلحة هتقعد فيها اليوم كله، أيًا كان بتتصل ب”يارا” اللي بتيجي ومعاها نسخة من مفتاح الشقة وبتطلب من البواب يقضي أي مصلحة ليها علاقة بالشقة…
“يارا” جريت أول ما عرفت، من الصدمة منهارتش، لسه سار.قاها الس.كينة، أخدت ابنها الكبير معاها، نزلت من بيتها بالبيجامة، رجالة المطافي والشرطة كانوا ماليين المكان، مهمهاش حد، دخلت الشقة، وفضلت تتلفت وتزعق:
-هي فين، فين؟
ظابط رد عليها:
-إهدي بس، تماسكي، إنتي صاحبتها، مش كده؟
-هي فين؟
-من فضلك، احنا محتاجين نوصل لأهلها، هي من طنطا مش كده؟ ملهاش حد هنا في القاهرة؟
-عايزه أشوفها!
-أرجوكي يا مدام، اتفضلي بره، وياريت تحضري نمرة اي حد من قرايبها عشان نتواصل معاه.
-قرايبها؟ أنا قرايبها.
-أنا متفهم قربكم لبعض، البواب شرحلنا، أنا بتكلم عن قريب بالد.م.
-أنا أمها!
-مش فاهم، أنا بدأت أتوه، حضرتك أقرب صاحبة ل”مايان” مش كده؟
-اااه، مايان، يا حبيبتي، والج.ثة التانية بتاعة بنتي.
-جث.ة تانية؟؟
لو ركزنا أكتر، دورنا في البيت كله، كل أوضة وكل ركن، تحت السراير، ورا الدواليب، حوالين الطرابيزات وتحتها مش هنلاقي حد تاني، “مايان” بس اللي كانت موجودة، هي الضح.ية الوحيدة، بس المفروض يكون في حد تاني…
بنت “يارا”، كانت بايتة عند أقرب صديقة ليها وده شيء عادي، كل فترة “يارا” بتسيب “شهد” بنتها عند “مايان” بناء على طلب “مايان” اللي بتحب “شهد” كإنها بنتها أو “شهد” نفسها اللي متعلقة بيها جدًا، طيب الخبر الحلو إن “شهد” مش موجودة، ربنا أراد إنها تنجو من الحري.قة، الخبر الوحش إن “شهد” مش موجودة، “شهد” راحت فين؟؟
وهل ده ليه علاقة بإيدين “مايان” المضمومة ورا ضهرها، أصل الإيدين كانوا مضمومين بحبل بطريقة قوية!
يعني دي مش حري.قة ماس كهربائي، تكييف أو سلك نور أو أنبوبة بوتاجاز؟
تكونش بفعل فاعل، نفس الفاعل اللي قيد “مايان” لحد ما روحها فاضت، شكلها كده، السؤال دلوقتي “شهد” راحت فين؟
أنا مين، أنا اسمي “مايسة” التالتة بتاعتهم، أنا صاحبة “مايان” و”يارا”..
احنا التلاتة صحاب من واحنا عندنا 4 سنين، يعني صداقة عمرها 30 سنة، وكانت هتكمل أكتر لولا عنصر قلب الموازين وقطع العدد التصاعدي، مو.ت “مايان”..
مكناش بنفترق عن بعض، الصلة اللي بيننا قوية جدًا، وبرغم إن كل واحدة فينا ليها صداقات ومعارف تانيين لكن دايرتنا كانت الأقوى، وده معروف لكل الناس اللي نعرفها، جوه الدايرة الصغيرة بقى، كان في صلات أقوى من صلات، مثلًا “مايان” و”يارا” أقرب لبعض مني بكتير وده لإنهم شبه بعض أوي، الملامح يمكن مش بالظبط لكن المود العام، نفس الطول، نفس الاهتمامات وبالتالي نفس الألوان والهدوم، شنط المدرسة، المقالم، الزمزيات، الأقلام، حتى خط الإيد، اللي يشوفهم جنب بعض يقول اخوات، وممكن حتى يتلخبط ما بينهم لو من ضهرهم، لما واحدة فيهم تعمل تسريحة شعر جديدة، التانية تيجي تاني يوم عاملاها، وكبرنا على كده، وده متغيرش، في الأول ولحد سنين كتير كنت بغير، بغير أوي، بتع.صب وبتشال واتحط عشان قربهم الزايد لبعض وتعلقهم واهتمامهم ببعض لدرجة إنهم بيتجاهلوني في مناسبات كتير، لحد مثلًا العشرينات من عمرنا، وبعدين نضجت وعقلت، وسلمت بالأمر الواقع…
وده لإني شفت الموضوع من زاوية تانية، الصورة مكنتش وردية أوي كده ما بينهم…
الشبه الغريب عمل تنافس، علاقة تعلق وحب وغيرة ومنافسة وح.قد وأوقات ك.ره…
الواحدة منهم دايمًا كانت بتقارن نفسها بالتانية، بتت.جنن لما التانية تعمل حاجة أو تجيب حاجة مش عندها، قدام الناس هم الاتنين حلوين، هم الاتنين شيك، بيلبسوا أحسن وأغلى الماركات، الاتنين ملفتين جدًا، نقدر نقول أنوثة طاغية، لما واحدة بقى تتفوق عن التانية في مناسبة، والناس تغمز لبعض، شوف دي احلى من دي برغم إنهم شبه بعض جدًا، ودي تبقى كار.ثة، أمر لا يجوز، وميعديش كده بالساهل، فاللي اتعلم عليها في المناسبة دي تعلم على التانية في أقرب مناسبة بعدها…
ده غير إن كل واحدة فيهم تقعد تسأل التانية هتلبسي إيه في العيد ميلاد الفلاني، جبتي الجزمة بتاعتك منين عشان الفرح إياه، وميهدلهومش بال غير لما يجيبوا من نفس المحل ونفس الحاجة أو حاجات شبه بعض…
لما هديت كده وفكرت، لقيت إنها حزمة واحدة، مش هقدر أنقي منها، بمعنى إن صحيح هم روحهم في بعض، “مايان” و”يارا” ميقدروش يفترقوا، عاملين زي التوائم اللي لما ينفصلوا يبقوا قلقانين ومتوترين، لكن في نفس الوقت طول الوقت بيأ.ذوا بعض وبيتنافسوا زي ما بيتنفسوا، عاملين مجهود 24 ساعة عشان يبقوا مثاليين في الشكل، كإنهم عارضات أزياء، مع المحافظة على مستوى معين من الهدوم والمظهر والعلاقات مع الناس، حاجة مرهقة جدًا، وهل أنا بقى قد الحياة دي؟ ليا فيها، أقدر عليها؟ الإجابة لأ طبعًا!
أنا زعلانة ليه؟ هي كده ماشية مظبوط، هم الاتنين فعلًا لايقين على بعض وأنا الحمد لله إني محطوطة في مكان ووضع معين، وضع ترييح الدماغ، منفصلة عنهم وفي نفس الوقت علاقتي حلوة جدًا بيهم، وكفاية إني لما بحتاجلهم بلاقيهم، بصراحة مفيش واحدة فيهم كانت بتتأخر عليا في حاجة، وأوقات كتير كنا بنقضيها مع بعض إحنا التلاتة، العلاقة المعقدة اللي فيها شد وجذب دي سبتهالهم، مش بتاعتي…
دي القشرة، خلاصة الموضوع، وفي العادي كنت هكتفي بالكلمتين دول، لكن دلوقتي لازم أحكي الحكاية كاملة بتفاصيلها الو..اللي مش تمام…
خلينا نركز اكتر…
نقرب.. نقرب…صحيح “مايان” و”يارا” كان ما بينهم تنافس وصحيح الاتنين شبه بعض والاتنين كانوا بيعملوا حركات قليلة مع بعض، إنما “مايان” كانت واخده نصيب الأسد ، كانت بتأذي “يارا”، أما “يارا” فكانت مجرد بتضايق “مايان”، إنما عمرها ما وصلت للأذية، افتكر مرة واحنا عندنا ١٢ سنة ، “مايان” لسبب ما كانت متغاظة أوي من “يارا” والغيرة اكلت قلبها، راحت بعتت رسالة لأم “يارا” من رقم غريب، وساعتها بقى لا كان في موبايلات سمارت ولا تروكولر ولا يحزنون، الرسالة كان محتواها إن يارا قاعدة في مطعم مع ولد مرتبطة بيه ومش في السنتر بتاع الدروس زي ما مفهمة مامتها وشكرا….
الأم راحت على نفس الموقع اللي الرسالة وصفته، ولقت السنيورة اللي لسه مطلعتش من البيضة قاعدة مع ولد غريب وواضح أن ما بينهم غراميات، حرفيًا جابتها من شعرها، وقعدت تض.رب وته.زق فيها والناس بقت تحوش، طبيعي دي أم ودي طفلة المفروض ميكونش عندها علم بالعلاقات العاطفية والكلام ده، اتصدمت في بنتها اللي فاكراها بريئة ومتربية والأهم، لسه عيلة صغيرة..
“يارا” كانت واثقة إن “مايان” اللي ورا الرسالة، هي اللي أكيد بعتتها وأنا كمان، و “مايان” بقى حلفانات وتعهدات ونحنحة ” مش أنا” و”إزاي تشكي فيا” و “حتى لو شادين مع بعض، أنتي اغلى ما في حياتي مقدرش اعمل معاكي كده” واهيء اهيء و”يارا” في الآخر صدقتها…
معرفش ازاي! ازاي؟! ازاي خال عليها، المرة دي وكل المرات التانية ، صدفة يعني المص.ايب اللي كانت بتقع فيها؟
لما مثلاً اتقفشت ببرشام جوه شنطتها في لجنة امتحان، ورقة عمرها ما شافتها قبل كده، مين اللي معاها طول الوقت وتقدر توصل لشنطتها ؟ إزاي تشك بس في “مايان” وترجع في كلامها وتقول مظلومة؟ هو إيه ده اللي مظلومة؟
ولا لما اتبعتت رسالة من اكونت غريب ل”مصطفى” اللي “يارا” كانت مرتبطة بيه في ثانوي ، والرسالة قال إيه من واحد تاني “يارا” ليها علاقة بيه، وتفاصيل بقى عن “يارا” عشان “مصطفى” يصدق أنها بتخ.ونه، أصل ازاي الشخص الغريب يعرف التفاصيل الدقيقة دي عن “يارا” وبيتها، تفاصيل حتى عنها شخصيا، عن…اقول إيه ، حاجات في جسمها، علامات، وحمات، قد إيه الشخص اللي بعت الرسالة ده ق.ذر، وقد إيه معروف؟
مين غيرها هتعرف كل ده، واحدة داخلة خارجة البيت بتاع “يارا”، والمفروض زي اختها، ما هو يأما “مايان” يأما أنا وأنا معملتش كده، فهه؟
و”مصطفى” يسيبها بعد ما يتهمها بأبشع حاجة ويشت.مها ويهينها و “يارا” تكلمنا أنا و “مايان”، نروحلها البيت ونلاقيها منهارة تترمي في احضاننا وتفضل تعيط وتعيط، بعد ما انا احضنها “مايان” تحضنها، وأشوف حاجة في عيون “مايان” ويارا باصة في الاتجاه التاني ، اشوف في عيونها فرحة غريبة، ابتسامة رضا ونشوة انتصار، تبصلي هي كمان في عيني وتدرك اني قفشتها، بصيت مش ليها، لجواها، شفت روحها ، اعماق نفسها الملوثة المريضة…
هل واحدة زي “مايان” كانت هتسيبني كده؟ هتجازف أنها تتكشف وإني اوعي “يارا” بنواياها؟ لأ طبعاً، فضلت تسعى تبعدني عن “يارا”، توسع الفجوة ما بيننا، وعملتها بمنتهى الذكاء، موحشتش صورتي ، مقالتش عني كلام وحش، هي بس وحدة وحدة شغلت المساحة بتاعتي ، حاوطت “مايان” من كل جهة، ملت كل وقتها، “مايان” مبقتش اقرب صاحبة ل”يارا”، دي بقت صاحبتها الوحيدة ، “يارا” مع الوقت حست ان كل اللي محتاجاه موجود في “مايان”، صورتي بدأت تتشوش، وبعدين تختفي شوية بشوية، مبقاش في غير صورة “مايان”…
أنا بقى مبقتش لا أسمع ولا اشوف “يارا” غير كل كام شهر مرة، وبعدين بقت كل سنة وبعدين كل كام سنة…
مش هي دي أبشع حاجات عملتها “مايان”، الابشع هو أنها خطفت من “يارا” الراجل اللي كان هيبقى جوزها واتجوزته هي…
طبعاً “يارا” حصل لها ص.دمة نفسية رهيبة، انهارت بالمعنى الحرفي، صدمتها في صاحبتها اكبر من صدمتها في الراجل اللي حبته وبنت في خيالها مستقبل معاه…وساعتها افتكرت مييين؟ العبد لله، أنا…
“يارا” خبطت بابي ومقدرتش اصدها، فتحتلها الباب من تاني واحتضنتها، وانا وهي بقينا اعز صحاب..
تفوت السنين و “يارا” تتجوز وتخلف ولد وبنت وتمشي الحياة وتستمر، إنما في الحقيقة مستمرتش…
“يارا” متخطتش اللي حصل، في أعماق اعماقها رقبتها كانت ملووحة، بتسرح لسه في الحياة اللي فاتتها، حياة مع الراجل اللي مقدرتش تحب حد زيه ولا حتى ابو ولادها…
يمكن أنا الوحيدة اللي حضرت انهي.اراتها العصبية من وقت للتاني، خلالهم كانت بتسب في اللي بوظت حياتها، اللي سمحتلها تتسحب وتدخل في حجورها وسابتها تبخ سم.ومها على مدار السنين، كانت بتقول أنها بتكر.هها ونفسها تشوفها بتت.عذب بأبشع الطرق…
لأ ، أنا كنت غلطانة “مايان” و “يارا” مش شبه بعض، في الظاهر اه، في الطباع جايز ، لكن اللي جوه “مايان” كان سواد، اللي يدخل جواها هيتعرض لج.حيم، ج.حيم من كتر ما هو بيغلي بقى اسود…زي…زي شقتها كده وقت ما ما.تت، غرببة مش كده؟ ماتت في نفس السواد، حاوطها جح.يم من نفس النوع اللي جواها، نقول…دي ملحمة؟ داقت من نفس الكاس بتاعها؟
انا مش متناقضة، فعلاً كنت صادقة لما قلت إن الاتنين كانوا احسن صاحبات ليا وأنا صغيرة، كانوا دايما في ضهري ، وشفت منهم خير كتير ، إنما للأسف كانت مرحلة وعدت، المراحل اللي بعدها “مايان” توحشت او ممكن نقول الوحش اللي جواها زحف براها وكشف عن نفسه، الوش الق.بيح ليها ظهر مع الوقت…
لكن ثواني…
القصة مش بالبساطة دي، حسب النقطة اللي هتقف عندها في أي قصة موقفك هيتشكل، يعني مثلًا في القصة دي لو سكتت عند كده وقلت توتة توتة فرغت الحدوتة، هتبقى متعاطف مع “يارا” المسكينة اللي في كيان ش.رير دمرلها حياتها واتسبب في رواسب فضلت موجودة جواها وأثرت على نفسيتها واكيد على علاقتها بجوزها وولادها، بقت زي الجهاز المهنج، في عطل مش معروف بالظبط مكانه ولا طريقة تصليحه، في جاني إسمه “مايان” وضحية اسمها “يارا”، نسينا إن في ضحية تانية اسمها “مايان” اتكتفت واتحرق بيتها وما.تت من استنشاق الدخان، ونسينا برضه إن زي ما كانت وح.ش في وقت من الأوقات في وحش تاني اتولد جوه ضحية سابقة وهي “يارا”، وحش غض.بان مستني الفرصة عشان ينتقم من اللي اتسبب في وجوده…
بقية القصة هو إن “مايان” تفوت السنين وتتطلق و”يارا” تفوت السنين وتتطلق، أمال كان الخلاف على إيه؟ ليه كل الحروب دي؟ لا دي منتصرة ولا دي أكيد منتصرة، الاتنين مهزومين ومكسورين، منبهمش حاجة من التنافس اللي دار سنين وسنين، والاتنين لقوا نفسهم محتاجين لبعض…
والعلاقات ما بينهم رجعت، بقت اقوى من الأول، بقى في رابط متين اسمه الكعبلة، الكعبلة في مطبات الحياة والصدمات اللي معاها بنلاقي نفسنا محتاجين لبعض، وأي حاجة تانية مش مهمة، مش قادرين على أحمال، لا على حقد ولا غض.ب ولا تنافس ولا غيرة، ولا أي حاجة، بيبقى فينا اللي مكفينا…
الاتنين لقوا السند في بعض، أولاد “يارا” بقوا زي أولا “مايان” وروحها فيهم، بالذات البنت الصغيرة، إياها، اللي كانت بايتة عند “مايان” ليلة ما حصلت الحري.قة، ألا صحيح “شهد” فين؟
بعد الحادثة دي، أول ما فقت شوية من الصدمة اللي كنت فيها واستوعبت إن “مايان” بجد ما.تت، وفي الغالب اتق.تلت، أول سؤال جه في بالي، اشمعنى هي اللي تموت؟ ليه “شهد” مامتتش معاها؟ مش غريبة إن “شهد” اختفت والنار تبلع شقة “مايان” و”مايان” تتقيد عشان ميبقاش ليها فرصة إنها تهرب؟
يا ترى مسرح الجر.يمة اترتب بحيث إن اللي يبان إن “شهد” اتخ.طفت و”مايان” اتق.تلت عشان متحاولش تنقذها؟
وفي اللحظات دي افتكرت وشها… وش “يارا” وهي في نوباتها الهس.تيرية والكلام الخطير اللي قالته، النية في إنها تأذي “مايان” أول ما تجيلها الفرصة، بس ده كان من سنين فاتت والمفروض الميه رجعت لمجاريها، ولا ده اللي ظاهرلنا، يكون الوح.ش قدر يتروض مع الوقت ويلون في جلده لحد ما تجيله الفرصة وين.تقم؟
نظراتي فضحتني في العزا بتاع “مايان”، من وقت للتاني كنت بسرح في “يارا”، بضيق عيني وبميل براسي كإني بحللها، بحاول أوصل لإجابات، وهي في الآخر أخدت بالها وارتبكت…
هربت من عيوني وتفادتني الوقت اللي متبقي من العزا…
تاني يوم الصبح النيابة استدعت “يارا” عشان يحققوا معاها، سبحان الله، نفس اللي جه في بالي جه في بالهم، هل “شهد” فعلًا اتخط.فت ولا قاعدة مرتاحة معززة مكرمة في مكان ما، مش حاسه بتهديد ولا خوف عشان اللي حطها في المكان ده هو أقرب حد ليها، جناح الرحمة والأمان، أمها، “يارا”؟
اللي شكك جهات التحقيق هو الإجابات اللي لاقوها بسرعة بعد شوية تحريات، الماضي المتقلب بتاع “يارا” و”مايان”، وأكتر خلاف واضح هو الحبيب المشترك والزوج السابق ل”مايان” واللي كر بكل حاجة، يعني مش لوحدي، الشك مش بيتغذى عليا أنا وبس ومخليني بلف وأدور حوالين نفسي..
=عيب عليكي، فين بنتك يا “يارا”؟
مقدرتش اكتم جوايا أكتر من كده، قلبي حرفيًا كان بياكلني، لأول مرة من سنين كتير أبقى فريق “مايان”…
-مخبياها في جيبي يا”مايسة”! أنا اللي خطفتها ودبرت مسرح الج.ريمة!
=مش مصدقاكي، النبرة دي ساخرة، بتنفي التهمة عنك، لأول مرة مش مصدقاكي!
مردتش عليا، مشيت وسابتني، مع الوقت الشك في قلبي كبر أكتر وأكتر، مش بس النيابة ده الإعلام والرأي العام والكل بقى شاكك فيها، اليقين عندنا كلنا بيزيد يوم بعد يوم وده بسبب برودها الغريب…
“يتبع”
“الجزء الثاني والأخير”
لما ظهرت في المقابلات التليفزيونية وشها كان إزاز، لما بتيجي سيرة بنتها مش بتعيط، ولا دمعة حتى بتنزل، ولما بتيحي سيرة “مايان” ولا كإن، دي لو واحدة غريبة هتتأثر شوية بم.وتها، الجرايد المطبوعة والمجلات الالكترونية مبقاش ليهم سيرة غير “يارا”، الست الإزاز، القا.تلة اللي د.مها بارد وخطر على المجتمع كله، نموذج الش.ر الخالص، دلوقتي في ضحية، ست ما.تت الله يرحمها، قاعدة في أمان الله وحد اقتحم بيتها قيدها بحبل وهددها أكيد عشان متتحركش، طبعًا حقها لازم يرجع، لكن في ضحية تانية لسه مش متحدد مصيرها، طفلة صغيرة ملهاش ذنب في حاجة، حتى لو في أمان والق.اتل المجرم اللي هو إحنا بقينا شبه متأكدين إنه أمها غلطت في حقها وظلمتها بمجرد إنها خلتها جزء من اللعبة…
في طرف مهم أوي في القصة دي محدش عرف يوصل له، متكلمش غير قدام النيابة وكلامه كان مختصر ورفض يتكلم مع الإعلام والصحافة، لكن أنا متأكده إن دوره مهم أوي وإن عنده أسرار، مقالش كل حاجة للنيابة، مقالش أي حاجة تقريبًا!
الشخص ده هو الزوج السابق ليارا، وإن متكلمش مع الإعلام عشان مش بيثق فيهم وعايز يحتفظ بخصوصيته ومش بيحب يتكلم مع أغراب فممكن جدًا يتكلم معايا…
وتفكيري كان في محله…
كإنه ما صدق شافني، كان مستنيني أروحله واسأله…
-كنت حاسس إن في حاجة غلط من أول يوم جواز لينا، لأ مش من أول يوم جواز، من أول ما اتعرفنا، احنا عرفنا بعض زي ما بيقولوا كده عن طريق معاد أعمى أو صالونات، واحد صاحبي متجوز كان بيشتغل مع “يارا”، عجبته، بنت جميلة وذكية وشاطرة في شغلها ورقيقة كمان، الشغل مأثرش على أنوثتها، يعني في رأيه كانت هتنفع ست بيت ممتازة بجانب تفوقها في شغلها، لدرجة إنه قال لي إنه لولا إنه متجوز كان اتقدملها، حمسني بصراحة إني أشوفها وأنا اللي كنت مضرب عن الجواز، وبقول السنجلة جنتله والعازب ملك زمانه وبس، المعاد اتدبر، أصريت مشفش صورتها قبل ما اقابلها شخصيًا، عشان ولأول مرة وقعت في حب صفاتها اللي اتحكتلي ومكنش فعلًا هاممني ملامحها، أول ما قعدت وبصيت في وشها، لاحظت، بجانب جمالها الهادي الرقيق، كسرة، “يارا” كانت مكسورة، حتى وهي بتضحك مش عارفه تداري الكسرة دي، حل عليا بقى نباهة رهيبة وثقة رهيبة اكتر إن أيًا كانت مشكلة البنت الحلوة دي وأيًا كان الضرر اللي فيها فأنا الفارس الهمام اللي هعالجها وهبقى حب حياتها وجوزها، وخبطت في حيطة خرسانة، بعد الجواز بكام يوم بس، قمت بليل ملقتهاش جنبي، سمعت صوت ميه، الدش شغال، هي غريبة جدًا إنها تستحمى بعد نص الليل، لكن تمام، اتطمنت عليها، لكنها طولت أوي وأنا كنت عمال أتقلب، مش عارف أغرق في النوم، حاجة قلقاني…
أخدت قرار إني افتح باب الحمام وأطمن عليها، لتكون اتزحلقت ولا حاجة…
ولقيتها فاتحة الميه على الآخر وواقفة تحتها…
المشكلة إنها كانت واقفة بهدومها، مواجهة للميه ومغمضة عنيها..
=يعني إيه؟
-بتمشي وهي نايمة! ياريتها بتمشي وبس، دي بتعمل تصرفات وهي مش واعية، بسبب الواقعة دي أخدت دور برد محترم قعد اسبوع مثلًا، وكانت هتروح فيها، ودي بس كانت البداية…
في ليلة تانية حسيت إنها مش جنبي على السرير، قلقت وقمت، دورت عليها في كل مكان في الشقة، ملقتهاش، فضلت أولع في كل الأنوار، لحد ما لمحت ضل من بعيد في المطبخ، ضل بيتحرك كإنه خيال مآته، دخلت المطبخ ومفتحتش النور، اكتفيت بنور الطرقة اللي كان شغال، ودي كانت غلطة…
“يارا” كانت واقفة بضهرها، بتتحرك تحركات بسيطة كإنها بتفقر، كانت بتردد حاجة بصوت واطي، مقدرتش أسمعها بوضوح، حطيت إيديا الاتنين على كتافها، لفت معايا، المرة دي عنيها كانت مفتحة لكن برضه مش واعية، وطلعت ماسكة حاجة، ماسكة أكبر سك.ينة عندنا بإيديها الاتنين، نصل السكي.نة لتحت وضهرها فوق، كإنها بتعمل طقوس..
أما اللي كانت بتردده فطلع “م…مايان”، “مايان”…
وهنا كان لازم يبقى في وقفة…
الحمد لله عدت على خير، قدرت أسحب الس.كينة من إيديها، وأرجعها السرير تاني ومقامتش لحد الصبح، لكن إذا كانت المرة دي عدت سلامات، الله أعلم بالمرات اللي جايه..
كان لازم أعرف مين “مايان” دي..
سألت معارفها وعرفت القصة كلها، “مايان” هي سبب عقدة “يارا” اللي اتطورت للأعراض الخطيرة دي، عملتلها خلل في دماغها، وأكيد مش صدفة إنها كانت ماسكة سكينة وبتردد اسمها، “يارا” كان لازم تتعالج ولو غصب عنها، الموضوع مبقاش مجرد نوبات، ده كان ممكن جدًا يتطور لحاجة تانية، جر.يمة حية مثلًا…
وبدأت رحلة العلاج مع دكتور نفسي شاطر…
كنت شايف نتايج، “يارا” فعلًا اتحسنت خلال السنين اللي عيشناها مع بعض، لكن كنت مدرك برضه إنها لا منها اتخطت حبها لحبيبها السابق ولا غضبها من “مايان”، وتصدقي؟ “مايان” هي اللي كانت الحاجز الأكبر ما بينا، مش “عامر”…
=أكيد الكلام اللي اتقال في الجلسات مهم جدًا، ده هو اللي هيحسم القضية كلها، مش بعيد يبقى الدليل على إدانة “يارا”.
-أنا هريحك، الموقف اللي خلاني أخد قرار إني لازم أسيب “يارا” هو إنها في مرة جت سمعتلي بالظبط اللي قالته في عيادة الدكتور “ناصف”…
مددت على السرير بنفس وضعية التمديد على الشيزلونج وقالتلي:
=اتكلمت النهارده عن الرغبات اللي جوايا، اللي في العمق، اللي محدش يعرفها غيري ولا يتخيلها، رميت القناع اللي طول الوقت ماشية بيه، يعني واحد اتعرض لأبشع الصدمات يبقى مسالم ويسامح اللي سببله الأ.ذى ويتمناله السلام والرحمة، ده في أنهي منطق؟ أنا في الحقيقة أتمنى للي أذتني ع.ذاب ميخلصش، أشوفها بتول.ع قدامي، النار مبتطفيش وهي مابتموتش، دي أنسب حاجة ليها، عق.اب لايق عليها وعلى النار اللي مش بتطفي جواها…
“ساعتها عرفت إن مفيش فايدة، يمكن “يارا” اتحسنت، لكن مشكلتها مكنتش بس في العقدة اللي عندها، مشكلتها في الغل اللي في نفسها اللي مينفعش معاه علاج نفسي، ده لو اتجمعنا كده وكتفناها وحبسناها برضه مع أول فرصة هترتكب…
=سكت ليه؟ هترتكب ج.ريمة، واهي عملتها..
-بصي يا “مايسة” أنا كان عندي سبب قوي يخليني احتفظ باللي عندي لنفسي، “يارا” أم ولادي وأنا مش هقبل ليهم إن أمهم تتعد.م أو تتسجن وتبقى سوابق وهم يعانوا من تاريخ أمهم باقي حياتهم..
=ولاد إيه؟ بنتك أمها خطفتها، استخدمتها عشان تخلي مسرح الجري.مة مثالي، في أذى أكتر من كده، أنت مأمنلها معاههم؟؟
مهما قلت مقتنعش، “كريم” مكنش هيتكلم، يعني “مايان” حقها ضاع…
في طرف تاني ظهر بعد كل الدربكة دي، بس مكنش له تأثير، الطرف ده هو عشيق سري لمايان، عرفت تخبيه حتى علينا، لا أنا ولا “يارا” شفناه أو اتعاملنا معاه ولا جت سيرته قدامنا، وكيل النيابة عرف من البواب…
العشيق لا شاف “يارا” ولا شاف ولادها، النيابة عرضت عليه صور الاتنين، الأم وبنتها وده عشان يتأكدوا إنه مشافهومش قبل كده، حرك راسه يمين وشمال لما شاف صورة “يارا”، لكن لما اتعرضت عليه صورة “شهد” قال إنه شافها قبل كده…
على كلامه مشافهاش في الحقيقة لكن “مايان” ورته صورة ليها من حوالي سنتين، يعني البنت وقتها كان عندها 3 سنين، وبس..مزودش حاجة تاني غير إنه قطع علاقته بمايان من شهور وميعرفش عنها حاجة..
مسار التحقيق كان هيمشي زي ما هو لولا ملاحظة ممكن تبان تافهة…
وكيل النيابة استغرب إزاي “حازم” افتكر البنت أول ما شافها مع إن المفروض على كلامه شاف صورتها من سنتين، ذاكرة إيه دي اللي تخليه يفتكر بنت غريبة، بنت صاحبة عشيقته مع اختلاف شكلها لإن الأطفال في السنين دي بيكبروا ويتغيروا بسرعة جدًا، زائد، إيه المناسبة اللي تخلي “مايان” توريه صورة بنت صاحبتها؟؟ غريبة شوية، مش كده؟
وده اللي حرك التحريات على “حازم”…
و”حازم” العشيق السري طلع سوابق…
ما بين تح.رش وتعدي وبلط.جة وضرب وخناقات وتناول ممنوعات، “سي في” مشرف بجد، إيه اللي “مايان” كانت بتعمله معاه؟؟
و”حازم” طلع بيكدب في تفصيلة صغيرة، علاقته بمايان مخلصتش من كام شهر زي ما ادعى، شهادة البواب وسجلات الموبايل بتثبت عكس ده، ده في الكام يوم الأخرانيين قبل الحادثة في كم مكالمات رهيبة كانت ما بينهم، فوق ال50 مكالمة، ليه، كانوا بيتكلموا في إيه؟
فين شهد؟
واللي خلى الشبهات تكتر حوالين “حازم” هو إنه لما اتواجه بالكلام ده، بإنه كدب وأنكر علاقته المستمرة بمايان ارتبك وبقى عد.ائي، قال إن مفيش أي دليل عليه وإن إيده نضيفة ..
إيه اللي حصل في الليلة دي بالظبط؟ شهد راحت فين؟
المشهد كالتالي، لو بنبص من بعيد ، في شقة في الدور الأرضي في عمارة رقم 11 قاعد فيها اتنين قصاد بعض على الكاونتر بتاع المطبخ، لو ركزنا هنلاقي إيدين الست اللي ماسكة ماج بتترعش على خفيف والراجل إيديه ثابتة وعينه كمان، مركز عليها، وابتسامته كل مدى بتوسع، فاضل تكة وتوافق…
“مايان” رصيدها في البنك قرب يصفر، صرفت اللي وراها واللي قدامها عليه، على العشيق السري، وبالمناسبة فلوسها مكنتش قليلة، وهو مكنش بيشتغل، كل اللي بيعمله بيشرب ويسهر في أماكن مشبوهة وبيشم وبيعمل مشاريع فاشلة، مشروع ورا التاني، اشي أرض صغيرة يجيبها عشان يزرعها ولا يأجرها، والمحاصيل تم.وت عشان معندوش خبرة وميلاقيش حد يأجر منه عشان مصادر الميه فقيرة في الأرض، واشي مشاريع وهمية من بتوع هات اتنين وشوف إعلانات على موقع وخليهم يشوفوا إعلانات وكل واحد منهم يجيب اتنين والاتنين الأخرانيين يجيبوا اتنين وهكذا، وأشي كم مهول من الدواجن والدواجن تم.وت وتهرب و”مايان” تفلس…
و”حازم” يعرف إن ليها علاقة بواحدة كانت متجوزة من واحد متريش وروحه في ولاده وهيعمل أي حاجة عشان يحافظ عليهم، فلو واحد من ولاده، نقول البنت الصغيرة، اللي أكيد هيخاف عليها اكتر، اتخط.فت، يا ترى هيدفع فيها كام عشان ترجع؟
بعد تردد “مايان” وتوترها اللي فضل أكتر من شهر، موقفها اتحول واحدة واحدة…
لو ركزنا أكتر، هنلاقي صوابعها بطلت تترعش وإيديها بقت متمكنة من المج، ابتسمت عالآخر، لدرجة صفين سنانها كلهم بانوا، ورفعت المج وشربت، مش بس هيبقى معاها حبيبها، لأ ده كمان جيبها هيتقل، وتسافر بقى مع “حازم” في أي مكان بره مصر والدنيا تزهزه معاها، وفي داهية “يارا” وبنتها، هيحصل إيه يعني، ما البنت هترجع، هم بس هيستلفوها شوية، “مايان” هي “مايان”، هي نفس الش.ريرة الصغيرة، جواها نفس الو.حش اللي متوجدش بسبب ظروف، ده هي مولودة بيه، والش.ريرة الصغيرة بقت ش.ريرة كبيرة والو.حش فضل يتغذى ويتغذى لحد ما بقى ضخم ومفيش حاجة بتسد جوعه…
اللي حصل إنهم اتفقوا إن “حازم” يلف حبل حوالين إيد “مايان” ورجلها وبعدين يولع في الستاير، النار مش هتولع في الشقة كلها، هتاخد وقت، وبعدين في محطة مطافي قريبة من العمارة، فأكيد المطافي هتلحق تطفي النار وهو هيبقى حريص على ده لإنه هيبلغهم على أساس إنه من الجيران ويمكن جيران “مايان” كمان يطفوها قبلهم لإنها مش هتسكت، هتص.رخ وتستنجد، بعد ما يربط “مايان” هيروح على البنت اللي نايمة في أوضة لوحدها، يحط إيده على بوقها ويكتم صوتها وينزل بيها بسرعة، الكلام ده كله كان هيبقى قرب الفجر، يعني الكل نايم، محدش حاسس بحاجة…
ده اللي المفروض كان يحصل…
أما اللي في دماغ “حازم” كان حاجة تانية…
“حازم” مكنش عايز شريك، عايز الفدية كلها لوحده، ده غير إنه مكنش هيجازف إن “مايان” في مرحلة ما تضعف وتبلغ عنه أو تقع في الكلام مع حد…
عشان كده بعد ما ربطها رمى جاز من إزازة معاه على كذه ستارة وولع النار…
“مايان” ملحقتش تستنجد، الن.ار انتشرت بسرعة أوي ومعاها الدخان اللي دخل جواها وبسببه فقدت الوعي وماتت في وقت قليل، والباقي احنا عارفينه، النار مسكت في كل حاجة تانية…
في جزء من بصمة كان على الحبل اللي اترتبطت بيه “مايان”، “مايان” بالحبل متحرقوش، الدولاب اللي وقع عليها كان حاجز ما بينها وبين النار، الطب الشرعي فحص تاني الحبل بأمر من النيابة ولقوا البصمة وطلعت متطابقة مع حازم وده سبب كافي عشان يطلع أمر بالقبض عليه…
كان منطقي إن قوات الشرطة تتوجه لمزرعته في الطريق الصحراوي عشان متوقع إن هناك يبقى في حاجة تانية، حاجة مهمة أوي للقضية، جث.ة “شهد”…
خلاص الصورة تقريبًا كانت وضحت من قبل ما التفاصيل كلها تتكشف، سجل “حازم” الإجر.امي مع علاقته المشبوهة بمايان والمكالمات الكتير ما بينهم وتعرفه على الطفلة من أول ما شاف صورتها وربطه ل”مايان”، “حازم” كان ناوي يطلب فدية من “كريم” أبو “شهد” لكنه اتراجع، خاف من الاهتمام الكبير بالقضية اللي متوقعوش وأكيد اتخلص من البنت، إيه اللي يخليه يحتفظ بمصيبة زي دي، وأنسب مكان عشان يدف.نها هتبقى الأرض بتاعته في الصحراوي، قرب السليمانية والحتت دي، مكان مقطوع ومفيهوش صر.يخ إبن يومين…
القوات كان مستعدة تحفر وتطلع الجثة…
وفعلًا لاقوها، لكن مكانتش ج.ثة، “شهد”..كانت لسه عايشة..
كإنهم شافوا ش.بح، في البداية اتخضوا وبعدين عدد منهم انفجر في العياط غصب عنهم، البنت كانت موجودة في أوضة صغيرة في أول الأرض، الساعة كانت 11 بليل، الدنيا عتمة ومفيش غير لمبة نورها ضعيف في الأوضة، لما اتفتح الباب بان ضل قاعد على كنبة مفرودة كسرير صغير، البنت لا ص.رخت ولا عيطت ولا قالت الحقوني، فضلت باصة ليهم وهي ساكتة، نظراتها جامدة وملامحها مش بتتحرك…
لقوا حواليها لعب، عرايس ودباديب، وهي دي اللي كانت مسكتاها، ومحسساها نسبيًا بالأمان…
“حازم” بقى وقتها كان فين؟
كان في طريقه للأرض عشان يق.تل “شهد” لولا إن الشرطة سبقته…
وكلنا ظلمنا “يارا”…
أنا والإعلام والرأي العام وجهات التحقيق وحتى جوزها السابق اللي رفض يتكلم مع النيابة…
نصبنا نفسنا قضاة ومحللين ودكاترة نفسيين، ترجمنا ردود أفعالها وملامحها وحكمنا عليها إنها مج.رمة، ق.تلت صاحبتها وخط.فت بنتها…
حكمنا إن مرضها النفسي وعقدتها اترجمت لفعل وحشي انتقامي، حطيناها ورا قضبان إحنا اللي عملناها، قضبان حقيقية بنفس قدر قضبان الزنازين من غير أي دليل مادي..
ونسينا كمان إن التعامل مع الصدمة والتعبير عن الحزن ملوش قالب ولا شكل معين، كل واحد بيعبر بطريقة مختلفة، في حالتها الصدمة حجزت دموعها، الحزن العميق حولها لشخص مشل.ول، في غيبوبة مستمرة ،ومكنش حد في موقفها، مفيش زي خو.ف الأم، ده غير إنها فقدت أعز صاحبة ليها، مش مرة واحدة، مرتين، المرة الأولى لما كانت فاكراها ضحية ويمكن كمان دافعت بشجاعة عن بنتها، حاولت تصمد وتحميها لآخر لحظة، والمرة التانية لما اكتشفت إنها دبرت خط.فها عشان قرشين، وإنها للمرة الألف طع.نتها في ضهرها، ومفيش فايدة، مكنتش اتغيرت، لأ، دي اتغيرت للأوحش، الوحش كبر أكتر من أي وقت فات وبقى عديم القلب والإنسانية لدرجة اللعب بحياة طفلة وكيان أسرة بحالها…
لأول مرة أغلط من ساعة ما كنت طفلة، البوصلة بتاعتي تبوظ وتشاور على الاتجاه الغلط، المفروض كنت ابقى سند ل”يارا” لإني أكتر واحدة عارفة طبيعتها وطبيعة التانية وإنها مش ممكن تعمل كده، لكني خذلتها زيي زي الكل، مسامحتنيش، وعندها حق، أنا وح.شة بنفس القدر، زيي زي “مايان”، لكن مش مهم، كل ده مش مهم، المهم إن بنتها وابنها معاها، وبالعكس حياتها ممكن جدًا تكون أحسن من غيري، دلوقتي القايمة بتاعتها اتصفت من أي حد بيشكك فيها، بيخو.نها، مش واثق فيها كفاية، منافق أو مش صديق مخلص وسند حقيقي، أو حد بيبخ س.م بسبب تنافس مستمر ومقارنات فاضية وغي.رة وحق.د، وأنا بقى ربنا يعينني استفيد من التجربة دي وأبقى السند لصحاب جداد معندهمش رصيد من المرارة بسبب إني خذلتهم، إلا لو قررت في يوم تسامحني، يا ترى هلاقيها في يوم بتخبط بابي عشان تفتحلي الباب من تاني؟ يمكن….
“تمت”
#شهد_فين
#ياسمين_رحمي